مترو بيروت

بعد اكثر من حوالي الثلاثين عاما اكتشفنا النظام المصرفي والاقتصادي في لبنان الذي لا يتعدى الا ان يكون نظام هرمي يعتمد على إعالة رؤوس الاموال الكبيرة على حساب العامة التي كانت تغذي النظام بشكل دائم.نظام احتكاري يحجز الارباح القلة على حساب الحقوق العامة.
ولكن ما لم نتيقنه حتى الان ان هذه المافيا التي تتحكم بنا لم تحتكر النظام المالي فقط ،انما كل قطاعات الخدمات العامة وتفاصيلها من مياه الى النقل الى السكن الى الاستشفاء والتعليم دونما ان ننسى الأملاك العامة البحرية والنهريةةوما بينهم من مشاعات.
ان انتشار محطات الوقود يشبه الى حد كبير انتشار فروع المصارف التي لملمت نقودنا وحجزتهم لتدين الدولة وتربح فوائد الدين عشرات وعشرات الاضعاف.ان استيراد النفط هو اول النسب من اكثر القطاعات فسنويا تستورد حوالي بالدولار لنحرقها في سيارتنا الخاصة التي تشكل اكثر من ١.٣ مليار سيارة على الطرقات وتشكل حوالي ٥ مليون رحلة يوميا حسب احد تقديرات للدراسات في ال ٢٠٠٥ للنحاس.
ان احتكار قطاع النقل لصالح شركات النفط التي تتحكم بالأسعار والاحتياطات دونما ان ننسى شركات السيارات الجديدة والمستعملة و قطع الغيار والتسهيلات في البنوك للقروض وخاصة لفئات الشباب لتحويل عادتهم الى عادات استهلاكية ينتفع فيها الشركاء من التجار الكبار والسياسيين.وبالمقابل تحصل على اكثر من ٢ مليار خسائر سنوية من زحمة السير دونما ان ننسى الخسائر البيئة والمجتمعية التي تتركز حول عزل الأشخاص في سياراتهم الخاصة وبيئتهم وتعزلهم عن محيطهم الاكبر والتفاعل مع جميع مكونات المجتمع.
مترو بيروت ليس بالحلم البعيد فيي 1986 تم انجاز دراسة لمترو بكلفة ٣٠٠ ألف دولار من الاتحاد السوفياتي آنذاك لاربع خطوط في بيروت الكبرى ولكن لم تتحول هذه الدراسة الى حقيقة بسبب عدة عوامل ومنها السياسية التي كانت تسود تلك الحقبة .لعلنا مع الوقت نستطيع دراسة هذه العوامل التاريخية.
وفي ال ٩٥ تم انجاز دراسة للنقل العام التي بدأت بأدخال حوالي ٢٥٠ باص الى بيروت الكبرى ووضع العديد من مواقف الباصات في المدينة وهذه الدراسة كان يتخللها خطة لسنة ال ٢٠١٥ حيث يتم إدخال التران والباص الى المدينة ومحيط بيروت الكبرى.الا هذه الخطة لم يكن لها الحظ ان تستكمل بالكامل.
العديد من الاتجاهات السياسية سوقت لمترو بيروت الحلم كأنه الحل الوحيد والسحري للمدينة بيروت.ويتناسون ترامواي بيروت الذي يمكن ان يكون اقل كلفة وذو فاعلية من المترو ولكن النقاش هنا ليس بين ترامواي بيروت والمترو انما النقاش يتعدى وسائط النقل الى الحق في المدينة ومحيطها والاولية لمن للناس او للسيارات ومن وراء السيارات والمستفدين منها.
الحق في المشي في المدينة بطريقة أمنة دون عوائق لجميع الحاجات الخاصة وغير الخاصة.الحق في مساحات عامة يلتقي فيها الجميع ومنها وسائل النقل.الحق في السكن في وجه كارتالات العقارية التي تطرد الناس من أماكنهم لأجل زيادة قيمة عقاراتهم على حساب النسيج والاستقرار الاجتماعي .الحق في وصولهم الى جميعة الخدمات العامة الأساسية والخدمات الاخرى بمساواة وسهولة.فأن مشروع المترو في ظل هذا الواقع ليس الا مشروع لزيادة الشرخ واللامساواة واستفادة المحتكرين الأقوياء على حساب الاخرين متناسبين على الاقل عدالة التنقل.

مصدر الصورة ولمعرفة تفاصيل عن دراسة مترو بيروت :

اضغط هنا

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *