تعرفة النقل ورغيف الخبز

منذ إنتهاء التعبئة العامة وحتى خلالها, طالب السائقون بدعمهم لاجتياز أزمة كورونا, والجدير ذكره أن الحكومة أقرت مساعدات للعائلات الفقيرة واعتبرت بينهم عائلات السائقين العموميين وخاصة أنهم من القطاعات التي تضررت خلال أزمة كورونا وتم الحد من نشاطها أو توقف عملها بشكل كامل في فترة كورونا, وهنا نقصد الباصات والفانات وحتى السرفيس. فكانت قرارات الحكومة أحياناُ في السماح للسرفيس بالعمل ولكن بالاشتراط على السائق وضع كمامة ولا يكون أكثر من ثلاثة أشخاص في السيارة ومن ضمنهم السائق.

وازدادت الامور صعوبة بالنسبة للسائقين, وقام أحد السائقين باحراق سيارته عند حصوله على ضبط لمخالفته عدد الاشخاص في سيارته, علماً أن التعميم لم يكن منشوراً بعد لمنع اكثر من شخصين في السيارة العمومية.

وتعاملت السلطة بشكل بوليسي لقمع المخالفين من باصات وفانات والسرفيس دون أن تقدّم اي محفّزات أو دعم للسائقين.

ان صلاحيات رفع التعرفة تعود الى الوزير النقل  فبعض النقابات النقل لم تطلب من السائقين رفع التعرفة الا بعد اتخاذ الوزير القرار الا ان نقابات النقل الاخرى اجتمعت وقررت رفع التعرفة الى 3000 قبل القرار الرسمي لعدم قدرت السائقين العمومين من تحمل الخسائر اليومية.

وقد اتخذت وزارة النقل حسب ما صرحت على لسان مدير عام النقل البري والبحري بناء على دراسات أعدتها لتتناسب مع ارتفاع سعر الدولار, ولكن هذا لا نستطيع التأكد من دقته لسببين, لعدم نشر تفاصيل الدراسة.والسبب الآخر أن عند نشر القرار نلاحظ  الأخذ بالاعتبار عدد الكيلومترات فقط, راجين في المستقبل نشر هذه الدراسة. والسؤال الأول الذي يتبادر الى الذهن أي سعر للدولار تم الركون اليه لتحديد التعرفة, وماذا سيحصل عند حصول ارتفاع آخر لسعر الدولار؟, هل تحددت آلية محددة لذلك ؟

وهل تعلمون أن تعرفة النقل التي تحددت, لم تطبق على النقل العام أي التابع لمصلحة سكة الحديد والنقل المشترك, وأن أسعارها لم تتغير بعد هذا القرار.وهذا سيكون موضوع بحث آخر على الفرق للتعرفة بين القطاعين الخاص والعام.

إن العديد من خطوط الباصات العاملة في بيروت لم ترفع  تعرفتها بحيث بقي العديد من الخطوط على تعرفة الألف ليرة كباص رقم  ٥ و١٢ و ٢, وذلك حسب قولهم مراعاة لأغلبية الركاب الذين يعيشون برواتب قليلة وكذلك لزيادة المنافسة بينهم وبين السرفيس إذ إنهم سيجذبون بعض الركاب الذين  يستعملون السرفيس .

كم ان القليل من الخطوط التي يوجد فيها تنافس بين الباصات الخاصة وباصات الدولة اجبرت على ابقاء التعرفة على حالها بسبب المحافظة على المنافسة وهذا الامر يمكن ان يخبرنا الكثير في وجود منافسية صحية بين العام والخاص وجودة الخدمة.

في صيف ٢٠١٩ أقر مجلس النواب مشروع قانون الباص  السريع BRT المموّل من البنك الدولي بمبلغ حوالي ٣٠٠ مليون دولار  لانشاء خط خاص للباص السريع بين طبرجا و بيروت وإلى انشاء حلقتين متواصلتين للمشروع إحداها داخلية في بيروت وأخرى خارجية تتواصل في ما بينها وبين الخط الاساسي بين بيروت وطبرجا.وحتى الان لا نعلم اين اصبح مسار تنفيذ هذا المشروع .

 

في ال 2011 ارتفعت اسعار البنزين فقررت الحكومة اعطاء بونات دعم بنزين ما يعادل 12.5 تنكة بنزين لمدة 3 اشهر واعترض وقتها وزير النقل العريض الذي طلب تحويل الى الدعم الى شراء باصات لخطة النقل في بيروت الا ان هذه المساعدة لم تصل الى الجميع .

كذلك ,في ظل الوضع الحالي , دعمت الحكومة السائقين العموميين بمبلغ ٤٠٠ الف ليرة في فترة كورونا الا ان العديد من السائقين لم يصلهم المبلغ. ولم تتضح حتى الان الالية المتبعة لماذا تم إعطاء البعض وتجاهل الآخرين دون معرفة أسباب التمييز الحاصلة وما كان دور نقابات النقل في هذه الالية ودورها.

 

إن تعرفة النقل عادة تحدد بدراسة بالاستناد لعدة إعتبارات ومنها الدخل الحد الأدنى والعديد من النقاط وليس فقط سعر النفط والمسافة كما هو معتمد في بلادنا وهي تنطلق من مبدأ النقل حق للجميع .

النقل هو خدمة عامة واجتماعية للسكان وليس مجرد وسيلة نقل. فمن خلال هذه الخدمة نتيح الوصول الى فرص عمل، تعليم أكثر للجميع .دون أن نسى الأثر الايجابي على البيئة  والاقتصاد  وفعالية المجتمع بشكل عام.

إن دعم النقل لا يكون من خلال حلول آنية غير مستدامة تجبر الناس على التحول من خدمة النقل الجماعي الى النقل الفردي وتحولهم الى مستهلكين حيث ترتفع كلفة نقلهم للحصول على الدقة والرفاهية.

إن استدامة أي مشروع نقل في لبنان لا تنطلق من الاستثمار في النظام الموجود وتطويره ستكون كلفته أعلى على المجتمع ويتسبب بفشله بشكل كلّي أو جزئي. في المقابل, إن دمج النظام الجماعي الشعبي الموجود مع أي مشروع نقل جديد وبشكل عادل, يضمن التوازن في القطاع ضمن التنافس, وعدم الاحتكار سيؤدي الى توزيع أكثر عدالة للخدمات والارباح, وهذا ما نطمح الى حصوله مع مشروع الباص السريع .

لذا يمكن إستغلال هذه المرحلة لدعم ومساعدة القطاع من خلال هذا المشروع عبر تقديم تسهيلات ودعم لشراء حافلات أو فانات أكتر سعة وفاعلية تضمن جذب العديد من سائقي السيارات الخاصة الى النقل المشترك وادخال بعض التعديلات الآنية في البنى التحتية بإعطاء أولوية للنقل المشترك وأنماط أخرى كالدراجة الهوائية لتنمية الترابط في المدينة.

 فلماذا لا يتم دعم القطاع الآن من أموال مشروع الباص السريع ؟ وخصوصاً إننا نرى تدهور في الخدمات وعدم قدرة القطاع على الاستمرار في ظل ظروف كورونا وتضخم الإسعار.

 فلنستثمر أكثر في النقل المشترك وفي حياة الناس.

ل بيعرف بيعرف ول ما بعرف بيقول كف عدس

 بإختصار يمكن توصيف واقع السائقين و العاملين على خطوط النقل الخاصة في النقل المشترك
من بعيد و كمواطنين او مستخدمين او ناس لم تطئ ارجلهم ارض الباصات نرى الاشياء من منظار مختلف لواقع العاملين في القطاع
البعض منا يراهم من المافيا ولا يجب التعامل معهم
البعض الاخر لا يريد ان يعترف انهم موجودين فيتجاهلهم
البعض يقول هذا عمل الدولة وليس عملهم ويطلب بتدخل الدولة وتنظيم الواقع كما يراه في دول الغربية او في نظرته للامور
وهناك البعض من الركاب يرونهم كسبب لتأخيرهم عن عملهم او مواعيدهم وخصوصا عند انتظار الباص ليمتلأ او السير ببطئ شديد ويرون فيهم استغلالييون وانهم يربحون الكثير من المال
ولكن لا يعلم الكثير منا خصوصيات بعض العاملين في القطاع فليس كلهم استغلاليون ليس كلهم من تدر عليهم الاموال الطائلة
وان اغلبهم يعيشون من اجل كفاية عيشهم و معيشتهم هم و عائلاتهم
فعندما تتكلم مع السائقين لاحد الخطوط تعلم انه يجب ان يعمل الكثير من الوقت لاجل تمكنيه من الحصول على مبلغ لسد السندات ثمن الباص و النمرة الحمراء لذا تراه يقاتل كل يوم نفسه و السائقين الاخرين من اجل الحصول على افضل نقلة ليتمكن من سداد القرض.فأنه سيقوم بما يستطيع من اجل تأمين مبلغ السند بالاضافة الى مصروف عائلته
فالالف التي قد لا تعنيك انها تساوي الكثير بالنسبة له لهذا قد نرى باصات ممتلئة وباصات بطيئة تلملم كل مار على الطريق تعتقده زبونا لها.
هناك سائق اخر تراه منذ الصباح يصرخ و يكفر ويتوعد اصدقائه ويسير ببطئ شديد املا الحصول على مبلغ اجار الباص فأنه يجب يعمل بجهد شخصين ليتكمن من سداد الاجار والحصول على مبلغ لقوته اليومي دون ان ننسى انه قد يكون لديه عائلة
في بعض خطوط الباص ترى السباق الذي يحصل بين باص و اخر من اجل الحصول على اكثر من الزبائن الممكنة فلذلك الامر لا يعنيك وانت تريد الوصول الى وجهتك .
عندما تتكلم معهم تعرف ان الباص هو شركتهم الصغيرة التي يعملون فيه و من اجلها وانهم لا يمكنهم التخلي عنها لان لا عمل لديهم غيرها
بعض الخطوط قد تجد مالك للباص يعمل عليه بنفسه وخصوصا بعد تقاعده من احد الاسلاك العسكرية فترى الباص لديه طابع لا يشبه كثيرا اقرانه فهو مرتب اكثر من غيره يحترم قانون السير بشكل عام يحافظ على مركبته ويحب النظام .هو ليس لديه هم الربح الكثير وما يهمه ان لا يخسر ما يسثتمر به
بعض السائقين اكثر ما يهمهم الضمان فأنهم اشتروا و استثمروا في هذا القطاع بسبب الحصول على الضمان له و لعائلته وقوته اليومي و خصوصا ان لا مجال اخر او مهنة اخرى لديه و خصوصا بسبب عمره فأصبح صعبا له ايجاد عمل اخر له في اي شركة او قطاع اخر
هناك بعض الخطوط وهي قليلة حيث يكون السائق نوع من الاجير اليومي فيعمل ويقبض لقاء عمله يوميا ما يكفي قوته وهو يكون مراقبا من قبل صاحب العمل في كل تفاصيل العمل من سرعته الى الركاب في مركبته الى التوقيت وما عليه الا بيع بطاقات اكثر ليحصل نهاريته مع الاستماع الى تعليمات المسؤول عن الخط.
يجب عدم شيطنة القطاع ونشر فكرة عدم فائدته و انه يشكل نوع من المافيات و العصابات بل يجب ان نراه من منظار اخر انه يخدم الكثيرين وبأسعار لابأس به وانه الاكثر استدامة فبغياب الدولة هم من كانوا يملؤون فراغ الدولة
انه قطاع يشبهنا يشبه مجتمعنا يشبه ناسنا وعاداتنا و ثقافتنا
انه نظام ذكي ديناميكي يستطيع التأقلم مع جميع المتغيرات و هذا ما ادى الى مقاومته جميع التغيرات والسياسات التي مرت عليه
انه نظام شعبي غير رسمي ساهم في تحول النظام الرسمي الى نظام شبه شعبي في عمله وخصوصا بعد تجربة خطة النقل المشترك في ال ٩٨ فأصبح بعدها هذا النظام الرسمي لا يعتمد مواقف الباصات وفقد التوقيت الدقيق للنظام الرسمي فتحول الى نظام شعبي رسمي تديره الدولة.
هناك الان تحدي جديد لهذا النظام وخصوصا بعد تأمين الاموال لخطة النقل الجديدة التي يمولها البنك الدولي عبر قروض ميسرة وتشمل نظام باص سريع بين خط طبرجا و بيروت و خطوط داخلية و خارجية في بيروت الادارية وبيروت الكبرى
فالاسؤال الذي يبادر الى ذهني هل سنشهد تجربة مماثلة في ال ٩٨ او اننا تعلمنا وماذا تعلمنا؟
عند اعداد الدارسة للاثر البيئي والاقتصادي والاجتماعي لمشروع الباص السريع كان لدينا الحظ في المشاركة في مجموعات التركيز (focus group)  للمشروع كمجتمع او مبادرة تعمل على القطاع فبادرنا الى توجيه الكثير من الاسئلة والافكار التي تدعو للدمج بين النظامين او حتى دعم اولي للنظام الموجود الذي يمكن ان يكون جزء من الحل وبتكلفة قليلة ويمكنكم متابعة عبر هذا الرابط

http://www.cdr.gov.lb/study/BRT/FINALESIAREPORTver1P1.pdf

فالى اين نحن ذاهبون الى اي نظام او الى اي نظامين هذا السؤال يبقى للمستقبل ويبقى تحدي جديد للنظام الشعبي.