سمعنا كثيرا خلال الأزمة الاقتصادية وخصوصا بعد ثورة 17 تشرين عبر صفحات السوشيال الميديا وظهور ما يسمى ال Nerds .
الذين ساعدوا على تحليل الوضع الاقتصادي من منطلق اخر قد نكون لم نسمع به قبل او نهتم به لانه دائما كنا نصدق أن الليرة بخير.
الى أن تفاجأنا بأن كلام وتوقعات هذه المجموعة من الاختصاصيين والاستشاريين كانت الاصدق للتنبؤ بالوضع. وبدأنا نسمع بعبارات جديدة تتعلق بالاقتصاد والمال والفوائد.
اللولار والبونزي قص الشعر الهندسات المالية والكابيتال كونترول كلها عبارات ضجت الى مسامعنا وتعرفنا عليها وعشنا بظلها دون ان نعرف او ندري.
أن نسبة السكان الذين يملكون حسابات في البنوك هي حوالي ال40 % (حسب مقال لمحمد زبيب في جريدة الاخبار هناك مودع 2.892.484)إذا اعتبرنا عدد سكان لبنان حوالي ال 6 مليون شخص والقسم الآخر من اللبنانيين لا يملكون حتى حساب بنكي
في حين ان نسبة اللبنانيين الذين يملكون سيارة تتراوح حوالي الـ 80 بالمئة حسب دراسة قام بها مجلس الانماء والاعمار في ال 2013 وان اقل من 30 بالمئة من الرحلات تقوم على استعمال الوسائل الأخرى من التنقل ما بين المشي والنقل المشترك والسلس.
لن نغوص كثيراً في في الارقام وتعاريف كل عبارة اقتصادية إلا أننا سنحاول أن نعكس هذه العبارات على قطاع النقل بشكل عام وربطها ببعضها لوصف واقع النقل الذي عشناه ونعيشه لسنين طويلة.
البونزي سكيما أو بالعربية مخطط البونزي هي طريقة لبناء عمل وهمي او احتيالي لاستفادة البعض على حساب القاعدة وهذا النوع من أنظمة الأعمال ممنوع في الكثير من دول العالم وحتى هناك مؤسسات رقابية لأجل منع هكذا اشكال من الأعمال.
هذه الصورة تظهر بوضوح شكل البونزي فهو يكون بالإجمال على شكل هرمي حيث هناك رأس وقاعدة .والرأس هو الشخص الذي يبدأ البونزي والذي هو المستفيد الاول مع الصفوف القليلة التي تليه والخاسر الاكبر يكون القاعدة.
وحيث رأس المال يتكون من المنضمين الجدد الى الهرم ويتوزع على الفئات العليا في الهرم حتى ينهار الهرم ويحصد اعلى الهرم الربح وتخسر القاعدة أموالها وتبقي على موجودات قد لا تباع او ترد .
لأكثر من ثلاثين سنة بعد الحرب وحتى قبل الحرب كانت السياسات المعتمدة من قبل السلطات اللبنانية للنقل والتنقل تعتمد بشكل كبير على السيارة الخاصة. وهذا ما تظهره هذه الارقام ادناه
فهذا رسم من الجمارك اللبنانية يظهر حجم الاستيراد السنوي للسيارة في لبنان
كمية النفط المستورد تشكل حوالي ال 20% من حجم الاستيراد السنوي فبين 2000 و ال2020 21.3 مليار دولار بنزين
استوردنا سيارات خاصة بين ال 2000 و ال 2020 19.7 مليار دولار
والبنوك أعطت 73 ألف قرض لشراء سيارة خاصة بين ال 2000 وال 2020 حسب الباحث الاحصائي عباس طفيلي
وكلنا نعلم كم كان سهلاً لأي شاب او شابة في بداية حياتهم من الاستحصال على قرض للسيارة
والدولة كانت تحاول الاستفادة من هذه الأرقام من خلال الجمارك والميكانيك والمخالفات التي تتكلفها هذه الاعداد الكبيرة للسيارة مع أنها تدري أن الخسائر الاقتصادية حسب أرقام البنك الدولي من زحمة السير تبلغ حوالي ال 2 مليار دولار
دون ان ننسى التكاليف الباهظة للبنى التحية للسيارات من تزفيت طرقات او بناء جسور والصيانة التي كانت مشاريع “الهبرة” التي كانت كل الجهات السياسية تحاول ان تستدرك منها قسم لتتقاسمها على المحازبين والمستفيدين لدرجة ان وزارة النقل والأشغال العامة أصبحت وزارة اشغال وسقط النقل من حسابات أي وزير.
وكانت ومازالت دعايات السيارات تملأ الشاشات والطرقات والعروض التي تتسابق بشكل ظاهر بين بعضها لتحثك على شراء سيارة خاصة تريحك من الذل من التنقل في النقل الجماعي.
قبل الأزمة التي نعيش الان كانت الدولة تحصل من ثمن كل تنكة حوالي الثلث او النصف كربح وذلك بسبب الدعم الغير مباشر للدولار على 1500 وكان مصدر دخل كبير بالنسبة لميزانيات الحكومات التي كانت تحاول جاهدة من زيادة اعداد زبائنها عبر بيع سيارات اكثر واكثر.الا بعد الازمة الدولار بدأت الحكومة بدعم سعر المحروقات للحفاظ على سعر صفيحة البنزين وتسبب بتجفيف قسم كبير من احتياطي مصرف لبنان.
وكسائر دول العالم التي تبدأ بسياسات دعم المحروقات ستصل يوماً ما إلى الاضطرار على رفع الدعم جزئياً إلى رفعه كلياُ ولكن رفع الدعم يجب أن يترافق مع تأمين وسائل أخرى للتنقل حيث تدريجياُ الناس ُتخرج من سياراتها إلى نظام نقل مشترك مستدام .
واذا اردنا الرجوع الى البونزي مما سبق وذكر نستطيع ان نضع البنوك وشركات النفط وشركات السيارات والسياسيين ومؤسسات الدولة والمستفيدين من ورائهم في اعلى الهرم وهم المستفيدين الأساسيين من الاموال والارباح التي تؤمن قسم كبير منها بدعم الدولار قروض من مصرف لبنان .الناس التي اشترت السيارات في اسفل الهرم .
فقد اشترت الناس منتج لا يرد ويستبدل بسبب وضع الدولار وان حصل سيفقد الكثير من قيمته وليس هذا فقط فإن مع رفع الدعم سيتمكن قلة من الأشخاص تعبئة سياراتهم من الوقود فيكون قد اشتريت سيارة لن تستطيع ان تستعملها وتحولت من أصول الى عبئ كبير على كاهل أي شخص يريد التنقل فيها.
شادي فرج
الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء شخصية