ونحن نتهاوى إلى الدرك السحيق من الإفلاس والانهيار بفضل منظومة الفساد وزبائنيتها يتراءى لنا بصيص أمل عندما نجد مجموعة من الناشطين الشباب يتطوعون لتشجيع النقل العام والمشترك لأهداف اقتصادية وبيئية واجتماعية ضمن جمعية مسماة حقوق الراكب Rider’s Right
هذه الجمعية ومنذ ثلاث سنوات تعمل على تشجيع الناس وتوجيههم إلى استعمال النقل المشترك وتعمل على تسيير رحلات إلى جميع المناطق اللبنانية لا سيما السير في الغابات لأهداف رياضية وسياحية وثقافية .. يوم السبت الواقع فيه 25/6/2022 كنت من الداعمين والمشجعين والمشاركين في الهايكينغ بالنقل المشترك فكانت نقطة الانطلاق موقف الكولا للحافلات .. استقلينا إحداها إلى صيدا ثم بكاسين وجزين .. دخلنا غابة الصنوبر وهي من أكبر الغابات في منطقة الشرق الأوسط .. مكثنا فيها حوالى سبع ساعات متواصلة كانت السحب تُعيد تشكيلاتها في السماء بعد صباح حزيراني ماطر .. والأشجار تستقبلنا على حفافي الممرات حانيات كأمهات .. كلما توغلنا في المسير نعبر زمناً آخر إلى البدايات إلى أقدم عالم موسيقي يختلط فيه الحفيف وهمس الأغصان وزقزقة العصافير المغادرة للتو أعشاشها .. زملائي في المسير والتعب راحوا يفرشون الأحاديث على جنبات انتباهنا .. كلما توقفنا لبرهة .. أو تناولنا بعضاً من الزاد المُخزّن في حقائبنا على عجل ..
مر الوقت بطيئاً
بعد أن ضللنا طريق الخروج رحنا ندور كأننا في متاهة
صعوداً وهبوطاً كمتاهات العمر التي لا تستقر على حال ..لم يخلُ البساط المفروش بالأخضر والزهور البرية من أوراق صفراء متناثرة هنا وهناك كأيامنا الذابلة على دروب الحياة .. بعد أن تخطينا منتصف النهار وعبرنا العصر ..
راحت الشمس تسحب آخر خيوطها الذهبية عن الباسقات تمهيداً لوداع نهار جميل من رزنامة العمر .. ومن خلال خريطة بحوزتنا حدّدنا موعد انطلاق الحافلة حيث ستقلنا إلى الديار ..
إحدى المرشدات في الجمعية كانت تسيرُ بخطى محفزة وكانت على مسافة بعيدة عنّا .. تركت العنان لآلة التصوير حتى تلتهمنا كلنا وبلقطة واحدة تجمعنا بصورة تُخلّدنا مدى الزمن ..ومثل قائد في ميدان أتعبه انتظار القرار أشارت إلى مخرج عبرناه متنفسين الصعداء..
ما إن وطأت قدماي الطريق الإسفلتي حتى شعرت بأنني خرجت كشخصية ثانوية .. من رواية عتيقة لكاتب مغمور .. عدنا إلى بيروت .. حاملين الصور في بواطن أجهزتنا وما فاض منها عُلقت على جدار الذاكرة نستعرضها في القادم من الأيام .. لم أعرفهم سابقاً ولا أعرف إن كنّا سنلتقي ومتى !
لكن كل ما أعرفه أنهم ظرفاء جمعتنا التجربة وحب المغامرة وأهداف الجميعة وتبادلنا الخبز والملح مع رشة زائدة من المودة.. فخالص شكري لهم ولأعضاء جمعية حقوق الراكب Rider’s Right ..بشخص الأستاذ شادي فرج
والصور تشهد على ما أقول .
علي أبي رعد
رابط البوست والصور