كتابة: أريانا تريبيبي بالإنجليزية
ترجمة: عبير عبيد
مرحباً، اسمي أريانا، أبلغ من العمر ٢٣ عاماً و أنا طالبة علوم سياسية من إيطاليا، أسكن حالياً في
لبنان كجزء من تجربة تبادل في برنامج إيراسموس، كما أتطوع في جمعية حقوق الركاب.
لطالما آمنت بقوة المجتمع المدني و أهمية التعاون بين الناس لإنجاز الأمور و تحسينها. لذلك كان اهتمامي الأول في لبنان استكشاف المجتمع المدني بالاضافة إلى الجمعيات المحلية. صدفةً تعرفت على جمعية حقوق الركاب فأُعجبت بعملهم و التزامهم و بدأت بالتطوع.اتفقنا أن مشاركة تجربتي في النقل المشترك في لبنان كفتاة أجنبية قد يثير اهتمام القراء.
اذاً سوف أشارككم تجربتي مع النقل المشترك عامة وفي لبنان خاصة.
كوني تربيت في بلدة ايطالية صغيرة حيث اعتمدت على المشي كوسيلة نقل أساسية، لم تسنح لي الفرصة لكي أستغل النقل المشترك في حياتي اليومية. و بقي الحال على هذا حتى انتقلت إلى مدينة تورينو حيث تابعت دراستي الجامعية. حيث أن تورينو مدينة كبيرة، لجأت إلى الباصات بشكل متكرر لأول مرة في حياتي. بالرغم من ذلك لم تكن تجربتي مثالية فأسعار التذاكر المرتفعة، أوقات الانتظار الطويلة، ازدحام الباصات، و ندرة وجود أماكن للجلوس جعلت مشاعري تجاه النقل المشترك سلبية بالغالب، لدرجة تفضيلي المشي لمسافات طويلة بدل ركوب الباص. لكن شيئا ما تغير في لبنان.
عند وصولي الى هذا البلد منذ شهرين تقريباً، أدهشني قدر رغبتي لرؤية كل ما استطعت عليه في هذا البلد. بدأت بالمشي في أنحاء بيروت ولكن سرعان ما أدركت حدود قدمي، خاصة أن بيروت مدينة غير ملائمة للمشي نظراً لصغر الأرصفة أو تضررها و الازدحام المروري والضباب الدخاني. لذلك بدأت باستخدام سيارات الأجرة ، لكنها لم تحل كل مشاكلي فهي باهظة الثمن بعض الشيء (أرخص من شبيهتها بإيطاليا ولكنها باهظة الثمن مقارنة بما يمكن شرائها بنفس المبلغ في لبنان) كما أنها تروج للتنقل الفردي المكلف بيئياً، ما أود تجنبه. ظهرت المشكلة نفسها عند التخطيط لرحلات خارج بيروت، عندما بدا أن استئجار سيارة هو الحل الوحيد المتاح.
مهدت هذه الظروف الطريق لجعل النقل المشترك خياراً جيداً. خلال يوم الترحيب في الجامعة، قدموا لنا بعض الكتيبات التي تحتوي على خريطة الحافلات من انتاج صنعتها جمعية حقوق الركاب. أثارت هذه الخريطة اهتمامي على الفور كوني لم أجد حتى تلك اللحظة أي معلومات متوفرة حول النقل المشترك في لبنان يمكنني الاستفادة منها كأجنبية. كنت قد لاحظت أن شوارع بيروت مليئة بالحافلات ذهابًا وإيابًا ، لكنها لم تكن في المتناول لأسباب متنوعة. أولاً ، لم أكن أعرف أين أجد الطرق أو الجداول الزمنية أو نقاط التوقف أو الأسعار أو أي معلومات أساسية. ثانيًا ، لم أتحدث العربية بطلاقة و كنت خائفًةً من صعوبة التواصل و احتمال اني قد أتوه في أماكن نائية . أخيرًا، لاحظت ازدحام الحافلات بالرجال في منتصف العمر مما ساهم بالشعور بعدم الأمان كوني فتاة شابة.
ظهرت خريطة الحافلات كإجابة على تساؤلاتي. كما كشفت أن هذا النظام العشوائي المظهر ينطوي على دقة إذا كان لديك الأدوات المناسبة لفهمه. لم يتبقى أخيراً إلا تجربته.
لذلك قررت أنا وصديقتان ذات يوم الذهاب إلى الحمرا. راجعنا الخريطة: من الأشرفية حيث نعيش إلى الحمرا، إما الحافلة رقم 2 أو رقم 5. التقينا في شارع الاستقلال وانتظرنا إحدى الحافلتين، مرت بضع دقائق قبل أن تصل الحافلة رقم 5. أوقفته وسألته: “الحمرا؟” أومأ السائق بنعم فصعدنا. كانت الحافلة شبه فارغة فوجدنا مكانًا للجلوس بسهولة. لم يكن لدي أي فكرة عن السعر (لم أدرك حالاً وجود لافتات تحمل السعر في كل حافلة)، حاولت أن أعرف المبلغ المطلوب من خلال مراقبة الراكبين الآخرين بينما كانوا يدفعون. اتضح أن السعر هو 25،000 ليرة ، وهو سعر رخيص للغاية إذ أن نفس الرحلة بسيارة أجرة ستكلفك 250،000 ليرة على الأقل.اعتمدت على خرائط غوغل لكي أراقب موقعي و أتأكد أني سأنزل في المكان الصحيح لن أضيع ما زلت للآن أعتمد هذه الطريقة و لم أضع أبدا
فهمت من تلك الرحلة الأولى أموراً عدة. أولاً ، السمة غير الرسمية لا تعني الفوضى. هناك أشياء ثابتة تمامًا مثل الطرق والأسعار (على أساس يومي) ، وأشياء ليست كذلك ، مثل أماكن الصعود و النزول. علاوة على ذلك يمكن أن يكون هذا الطابع غير الرسمي مفيدًا. فعدم وجود محطات محددة يسهل ركوب الحافلة أينما كنت وتركها في أي مكان يناسبك أكثر. بالطبع هناك بعض الجوانب السلبية مثل حالات الحافلات السيئة والأشخاص الذين يدخنون في الداخل ، وصعوبة الاستخدام للأشخاص ذوي الإعاقة ، وخطر التحرش بسبب قلة المساحة الشخصية. مع ذلك أشعر بالأمان أثناء جولاتي، أكثر مما شعرت به خلال تجربتي في إيطاليا .
لهذه الأسباب أعتقد أن نظام النقل المشترك اللبناني يعمل بشكل جيد ويجب التشجيع على استخدامه لتقليل حركة المرور والتلوث الناجم عنها وتحسين الخدمة نفسها. تعتبر وسائل النقل المشترك أداة فعالة في تيسير الحياة اليومية للعديد من الأشخاص ، لا سيما ان كلفة تشغيل سيارة خاصة أو الاعتماد على سيارات الأجرة ليس بمتناول الجميع. من المهم أيضًا بالنسبة لنا كأجانب التعرف على النظام الحالي واستخدامه ونشر الوعي بين الأشخاص الآخرين. نعمل على هذا و أكثر فيجمعية حقوق الركاب