بيان:  بين توسعة طريق جونية–طبرجا وهدر المال… هل النقل المشترك هو الحل؟

التاريخ: 15-09-2025 

إعادة إحياء مشروع عمره أكثر من 20 سنة لتوسعة ما يُسمى أوتوستراد جونية، بهدف حل مشكلة زحمة السير على هذا الطريق. وبحسب ما أعلن مجلس الإنماء والإعمار، فإن أكثر من 100 ألف سيارة تعبر يوميًا هذا الطريق باتجاه بيروت والعكس.

موضوع توسعة ما يُسمى أوتوستراد جونية هو مسألة بالغة الأهمية بالنسبة لجميع القادمين من المدخل الشمالي لبيروت. ووفقًا لأرقام مجلس الإنماء والإعمار، فإن هناك ما بين 100 ألف إلى 200 ألف سيارة تستخدم هذا الطريق، حيث يكمل حوالي النصف منها إلى بيروت، بينما يتوزع النصف الآخر على مداخل منطقة كسروان وبلديات جونية.ورغم أن فكرة المشروع بدأت في تسعينات القرن الماضي، وبدأت عمليًا عام 2005 بوضع دراسة له، إلا أن إعادة إحيائه حصلت عام 2019، ثم توقفت بسبب الأزمة الاقتصادية والمالية، بالإضافة إلى جائحة كورونا.واليوم، نلاحظ دعمًا كبيرًا لهذا المشروع من العهد، ووزير النقل والأشغال، وجميع الجهات السياسية والبلديات التي دُعيت إلى مكتب الوزير للمؤازرة في تنفيذ هذا المشروع، وبدء رفع المخالفات عن جانبي الطريق.

وهنا سؤالان لا بد من التوقف عندهما:
أولًا، كيف استطاعت وزارة الأشغال تأمين مبلغ حوالي 60 مليون يورو لهكذا مشروع؟ وعلى أي أساس تم اختيار هذا المشروع دون غيره من المشاريع، خصوصًا أننا دولة تعاني من عجز وإفلاس؟ وتجدر الإشارة إلى أن التمويل السابق للمشاريع كان على شكل قروض من بنوك دولية وأوروبية.
ثانيًا، كيف سيتم استكمال المشروع بالتعاقد مع المتعهد السابق منذ عام 2019 حتى اليوم؟ أليس من الأجدى إجراء مناقصة جديدة تغطي مشروعية المشروع قانونيًا بشكل أفضل، وفقًا لقانون الشراء العام؟

ورغم أننا نرى توافقًا سياسيًا حول هذا المشروع لحل مشكلة زحمة السير على ما يُسمى أوتوستراد جونية–طبرجا، إلا أننا لا ندعم هذا المشروع، لأنه غير مستدام، ولن يحقق الهدف المرجو منه، وهو تخفيف الزحمة، بل سنشهد العكس تمامًا. وسنترك العلم والمعرفة والخبرات العالمية التي واجهت تحديات مماثلة لتكون الحكم، وسنفصل بعض الأسباب والتجارب:

هناك مبدأ علمي يُعرف بـ Induced Traffic، أي أنه كلما أضفنا مسارات جديدة، كلما جذبنا المزيد من السيارات. وهذا ما حصل في العديد من الدول ومشاريع الطرقات حول العالم، وهو مبدأ مثبت علميًا.

إن توسعة الطريق إلى 3 خطوط سير وخط خدمة واحد لن تكون كافية لاستيعاب هذا العدد من السيارات، خصوصًا مع الكثافة المرورية التي تتجاوز 100 ألف سيارة يوميًا وستزيد عدد السيارات في المستقبل قريباً وتعود زحمة السير مع الوقت القريب .

كما أن طريق جونية–طبرجا ليس أوتوسترادًا بالمعنى الحقيقي، بل هو طريق حضري، ويجب أخذ سلامة الناس على الطرقات بعين الاعتبار. لقد فقدنا العديد من المشاة على هذا الطريق، وهذا العدد مرشح للارتفاع في حال توسعته، وكذلك نسبة الحوادث.

لهذه الأسباب، نعتبر أن المشروع غير مستدام، ولن يحقق التوازن المطلوب في حركة السير، بل هو هدر للمال العام على بنى تحتية غير فعالة. ولا ننسى أن مشروع توسعة الطريق عام 2019 كان مرتبطًا بمشروع الباص السريع بين طبرجا وبيروت، الذي كان يهدف إلى إنشاء مسارين في وسط الطريق لتسيير الباصات وفق محطات ومواقف وتوقيت محدد، لكنه لم يُكتب له النجاح بسبب عدة عوامل.

ولكن الأهم الآن: ماذا لو تم تحويل مبلغ 60 مليون يورو إلى مشروع نقل مشترك في منطقة كسروان، يربط المناطق ببعضها وبالمدن الكبرى المحيطة كبيروت وطرابلس، والمناطق الداخلية لكسروان، وفق توقيت ومحطات ومواقف منظمة؟ هل سنخفف بذلك عدد السيارات على الطريق؟ هل سنقلل كلفة النقل على السكان؟ هل سنحد من الزحمة والحوادث؟

هذا السؤال برسم كل من: رئيس الجمهورية، وزير النقل، الحكومة، الجهات السياسية، البلديات، والسكان.

إننا في الجمعية نؤمن أن الحلول المرورية لا تُبنى فقط بالإسفلت، بل برؤية شاملة للنقل العام والجماعي، وسلامة الناس، واستدامة المدن. لذلك، ندعو إلى إعادة النظر في مشروع توسعة الطريق الساحلي جونية–طبرجا، وتحويل التمويل نحو مشروع نقل مشترك يخدم سكان كسروان ويخفف فعليًا من الزحمة والحوادث.